اخبار

شولتس في واشنطن لحث الأميركيين على إكمال الدعم لأوكرانيا

يتزايد القلق في ألمانيا من تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا التي تقترب من دخول عامها الثالث في الحرب مع روسيا.

وفيما ترى برلين أنها باتت تسير شبه منفردة في دعمها العسكري المتزايد لكييف، انطلق المستشار الألماني أولاف شولتس في مهمة لحشد ضمان استمرار الدعم الأوروبي والأميركي لأوكرانيا.

وبهذا الهدف يزور شولتس واشنطن يومي الخميس والجمعة، حيث سيلتقي بالرئيس الأميركي جو بايدن ومجموعة من أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في محاولة لإقناعهم بالموافقة على حزمة المساعدات العسكرية المعرقلة داخل الكونغرس حتى الآن وتهدد بوقف الدعم الأميركي.

ويتخطى القلق الألماني العوائق الحالية في واشنطن لاستمرار الدعم لأوكرانيا، إلى مخاوف حقيقية من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب للرئاسة في نهاية العام الحالي. ومع ذلك، لم يتواصل فريق المستشار مع فريق ترمب لتدبير لقاء بين الرجلين.

وقالت مصادر حكومية في برلين إن «ترمب لا يعقد حالياً لقاءات رسمية، ومع ذلك فإن فكرة لقائه لم تكن أصلاً مطروحة». ولكنه أشار إلى العشاء الذي سيجمع شولتس وفريقه مع أعضاء من الكونغرس في مقر السفارة الألمانية في واشنطن ليل الخميس، مشيراً إلى أن «على الأقل عضوين في الكونغرس من الموالين لترمب» سيكونان من بين الحاضرين.

ولا يخطط مكتب المستشار ولا الرئيس الأميركي لأي لقاءات مشتركة مع الصحافة ولا مؤتمرات صحافية، وهو ما أعاده مسؤولون ألمان إلى أن الزيارة هي «زيارة عمل»، وهدفها «توضيح مدى التزام ألمانيا بدعم أوكرانيا»، وهو الذي تبلور بحزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 7 مليارات يورو ستقدمها ألمانيا هذا العام، ما يوصل المساعدات العسكرية الألمانية لأوكرانيا منذ بداية الحرب إلى قرابة 30 مليار يورو.

وباتت ألمانيا ثاني أكبر دولة تقدم المساعدات لأوكرانيا، بعد الولايات المتحدة، والأولى أوروبياً، في تناقض لتلكؤها الكبير في بداية الحرب، حيث تسبب إعلانها عن تقديم 5000 خوذة عسكرية للجيش الأوكراني بموجة غضب واسعة بين حلفائها.

ولكن منذ ذلك الحين زادت برلين من مساعداتها ودعمها بشكل كبير، وابتعدت كثيراً عن الدول الأوروبية الأخرى خاصة فرنسا التي تراجعت عن كثير من التزاماتها لأوكرانيا.

وقالت مصادر في الحكومة الألمانية إن المستشار سيوضح حجم المساعدات الألمانية، ويشدد على ضرورة استمرار الدعم الأميركي في الوقت نفسه. ولكنها أضافت بأن ألمانيا «لا تبغي أن تبالغ بتقدير تأثيرها في واشنطن»، وأضافت: «ما يمكن أن نفعله هو أن نؤكد رؤيتنا بأن هناك حاجة ماسة لاستمرار الدعم العسكري لأوكرانيا، ونوضح للأميركيين أنهم ليسوا بمفردهم من يقدمون هذه المساعدات، وأننا (بوصفنا) أوروبيين نقوم بدورنا كذلك، ونرى أن تقديم المساعدات معاً هو تحدٍّ مشترك بين الحفاء عبر الأطلسي».

وأكدت المصادر المقربة من شولتس أن «ألمانيا تبذل الكثير وتقوم بذلك عن قناعة كاملة، ولكن لا يمكننا الإكمال بذلك إلا من خلال جهود أوروبية مشتركة». ورأت المصادر أن «الأولوية الآن هي أن يتحمل الجميع في أوروبا مسؤولياتهم، فيما الأولوية الثانية أن يستمر الكونغرس الأميركي بالمساعدات الكريمة والمهمة لأوكرانيا حتى الآن».

وأشارت إلى أن «واشنطن لا تقدم هذه المساعدات بهدف إحداث تغيير، ولكن بسبب فهمها للعواقب التي قد تنتج عن خسارة أوكرانيا لهذه الحرب». وشددت المصادر على أن ألمانيا «على اقتناع راسخ بأن الأسباب التي تدعو للتصدي لذلك من خلال المساعدات الضخمة لأوكرانيا ما زالت قائمة، ولهذا ليس واضحاً بالنسبة لنا لماذا يمكن أن يتوقف ذلك الآن».

وتراهن ألمانيا على أن تكون زيارة شولتس بداية لنقاش أطول مع الأميركيين، خاصة أن ميونيخ تستضيف مؤتمر الأمن الأسبوع المقبل، وهو ما يجذب عادة وفداً كبيراً من الكونغرس سيكون حاضراً هذا العام كذلك، إلى جانب عدد كبير من المسؤولين الألمان من بينهم المستشار شولتس. وسيكون على الأرجح حاضراً بشكل شخصي كذلك في ميونيخ هذا العام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي توجه للمؤتمر العام الماضي عبر دائرة الفيديو من كييف.

وتعمل ألمانيا منذ أسابيع على إقناع شركائها الأوروبيين بزيادة وتسريع جهود الدعم لأوكرانيا، وتشكو من تراجع عدد كبير من الدول الأوروبية عن تقديم مساعدات تحتاج إليها كييف.

وترى ألمانيا أن فرنسا تحديداً لا تقدم مساهمات كافية، وقد حرص شولتس على الإشارة لحجم المساعدات الألمانية أمام ضيفه رئيس الوزراء الفرنسي الجديد غابرييل أتال الذي زار برلين قبل يومين في زيارة تعارف هي الأولى له منذ تسلمه منصبه. وقدمت فرنسا التزامات عسكرية لأوكرانيا بقيمة تقارب الـ500 مليون يورو، ما يضعها في المرتبة الـ15 من بين الدول الغربية التي تقدم مساعدات لكييف، بحسب معهد كييل، فيما ألمانيا في المرتبة الثانية بمساعدات مضاعفة بمرات عديدة.

ومع ذلك، حاول رئيس الحكومة الفرنسي أتال التأكيد أمام مضيفه في برلين على استمرار الالتزام الفرنسي بدعم أوكرانيا، وتحدث عن دعم من خلال برامج دعم عسكري وتقني متجنباً التطرق لأي أرقام.

وفي رد على الاتهامات الألمانية غير المباشرة، قال أتال في المؤتمر الصحافي المشترك مع شولتس إن المساعدات العسكرية لا يمكن قياسها بالموارد المالية، ولكن بنوع الأسلحة التي يتم تأمينها، متحدثاً عن أنواع الدبابات والأسلحة التي تقدمها فرنسا للجيش الأوكراني.

ولكن المخاوف الألمانية تمتد أيضاً للمساعدات الأوروبية بشكل عام، وليس فقط الفرنسية أو الأميركية. فالاتحاد الأوروبي وافق قبل أيام أخيراً على حزمة مساعدات بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا تصرف حتى عام 2027، متخطياً اعتراض المجر التي عرقلت الموافقة على الحزمة لأشهر. ولكن الحزمة تلك لا تعد كافية لاحتياجات أوكرانيا، وهو ما يعلمه الأوروبيون جيداً، ويعدّون الحزمة مجرد «خطوة في الاتجاه الصحيح».

ورغم أن شولتس تحدث خلال المؤتمر الصحافي مع أتال قبل أيام، عن «ثقة كبيرة» بأن المساعدات الأميركية والأوروبية لأوكرانيا ستستمر لأن الرئيس الروسي «يراهن على توقفها، وهو ما لا يمكن السماح به»، فإن المخاوف في برلين كبيرة؛ ليس فقط من توقف المساعدات بل أيضاً من عودة ترمب الذي كان تعهد في رئاسته الأولى بوقف الدعم لحلف شمالي الأطلسي، ويدعو اليوم لوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وهذه المخاوف تجلت في إعلان بولندا أنها تستعد لحرب قد تكون مقبلة مع روسيا. ولكن ألمانيا بجيشها الهرم، تعلم بأنها ما زالت بعيدة جداً عن أي استعدادات تخولها صد أي هجوم روسي من دون دعم أميركي.

إغلاق